مقدمة: كيف وفي أي ظروف يكون لدى بعض الأشخاص استعداد لتطوير سلوك مقاولاتي بحيث يجسدونه على أرض الواقع في إطار وضعية ما؟ وفي املقابل كيف يمكن تفسير رفض بعض الأشخاص هذا النوع من السلوك بالرغم من توفرهم على جميع شروط النجاح؟

هذه الأسئلة تصب في صلب إشكالية المقاوالتية وال تزال تشغل بال الكثير من الباحثين في المجال. لفترة طويلة سادت فكرة ربط السلوك املقاوالتي بخصائص بسيكولوجية للشخص كميوله للمخاطرة والمبادرة إلا أنه في وقتنا الحالي اتضح أن السلوك المقاوالتي معقد ويضم تنويع كبير في الوضعيات وال يمكن تفسيره من خلال نماذج علاقات بسيطة.

         في ذات السياق يشير كل من بيرد و سجودت Schjoedt) et (Bird أن: " الأفكار، الاستعدادات، التحفيزات، المعارف والذكاء الإنساني بدون تطبيق ال يمكنها خلق قيمة اقتصادية قيمة مضافة2009) (Schjoedt, وعليه لابد من الدخول في التطبيق والتجسيد ليتم خلق وتطوير المؤسسة.

روح المقاولاتية داخل المؤسسات:

 

منذ ثمانينيات القرن الماضي بدأت المؤسسات والهيئات في البحث عن كيفيات تطوير، إيجاد والحفاظ على بعض الخصائص المقاوالتية كأخذ زمام المبادرة، المخاطرة، التوجه نحو الفرص والمرونة. وعلى هذا الأساس دخلت المؤسسات في مسارات تغيير وفي بعض الأحيان تحولات جد ثقيلة مستهلكة للطاقة واملوارد. اليوم أصبحت المقاوالتية التنظيمية وسيلة لبرامج تدنية التكاليف coût) de réduction de (Programmes التي تضم: تدنية عدد العمال، تغيير طرق 

الادارة، الإدماج (fusion) واالقتناء (acquisition) كما أصبحت وسيلة معالجة الصلابة التنظيمية organisationnelle) rigidité (la كما تساهم روح المقاوالتية في تنشيط الإبداع والابتكار

وتدويل نشاط المؤسسة لكن السؤال المطروح هو: كيف يتم تطوير الكفاءة المقاوالتية؟

توجد ثالثة وسائل متكاملة: تغيير التنظيم، وضع مجموعة من الآليات، تشجيع بعض الذهنيات.

 

تغييرالتنظيم: بدأت المؤسسات الكبرى بإعادة النظر في هيكلتها وتنظيمها بحيث ال يمكن الحصول على المرونة اللازمة دون اللجوء لهذا الإجراء حيث تم تخفيض عدد المستويات الهرمية التنظيمية، محاولة الهيكلة بطريقة مسطحة وبأكثر مرونة، زيادة النفاذية للبيئة من خالل تغيير تنظيم العمل وتشجيع العمل    بالشبكات. بتعبير تريد املؤسسات الكبرى أن تتخذ شكال يشبه الهياكل الصغيرة ألنه بالنسبة لها ليس فقط الأصغر أجمل » beautiful is Small « وإنما الأصغر أقوى » powerful is Small الأصغر أجمل في جانبه الغير رسمي والودي (convivial) واألصغر أقوى ألن الحجم األصغر يعطي     أكثر فعالية.

     

 

 

 

 

 

وضع اآلليات: إن هذه الديناميكية تحتاج إلى وضع مجموعة من اآلليات حيث أن املبادرة املقاوالتية قد تكون نتاجفعل فردي عفوي أين تكون اآللية فردية ومدمجة داخل التنظيم، كما قد تكون املبادرة نتاج لجهاز (dispositif) رسمي خلية، منصة، تقسيم division

 

تشجيع بعض الذهنيات:

تهتم المؤسسات بروح المقاوالتية من خلال نشر بعض الخصائص داخل المؤسسة كتشجيع التصورر، التكيف، تقبل المخاطر. روح المقاوالتية تعكس توجه قوي نحو البحث عن الفرص واملبادرات الخالقة للقيمة. ينتج عن هذه الاستعدادات والتغيرات الثقافية والتنظيمية مجموعة من الأفعال الملموسة تؤدي

إلى الإبداع والابتكار وتطبيق ما تم التوصل إليه.

مفهوم المقاول:

حسب مختلف التيارات الفكرية تم تقديم المقاول على أنه مبتكر، منظم وقائد (Leader) أو شخص يتميز بخصائص بسيكولوجية فريدة من نوعها سيتم تناول كل رؤية بأكثر دقة.

 

المقاول والخصائص البسيكولوجية الفريدة:

حسب هذا التيار فإن المقاول هو شخص يمتلك خصائص بسيكولوجية فريدة قيم، توجهات، متطلبات أو رغبات) تقوده نحو تحقيق أهداف. هذه الخصائص قد تكون قيم ( أخلاقيات المهنة، المسؤولية، توجهات المخاطرة، المباضرة، الاستقلالية، العصامية) أو متطلبات (الاستقلال، الإنجاز، التقدير كثيرة هي الأبحاث التي حاولت أن تبرهن أن امقول يمتلك خصائص ال يمتلكها غيره.

وتوصلت إلى تسليط الضوء على العديد من الخصائص كمثال: التفاؤل، الطبيعة الغير نمطية، المرونة، المثابرة السماح بالغموض وعدم التأكد، الثقة في النفس، المشاركة في المدى الطويل (l’implication)، المخاطرة المعقولة. بالرغم من أن هذا التيار تم الابتعاد عنه حاليا إلا أن الأبحاث في العلوم السيكولوجية ما تزال مستمرة لدراسة المسألة

العالقة بين شخصية المقاول وفعالية مؤسسته.

المشكل المطروح هو كون بالرغم من أن عينات المقاولين المعتمد عليها أكدت أن المقاول يمتلك بعض هذه الخصائص ولكن غير المقاولين كذلك يمتلكونها وبالتالي هناك جوانب أخرى ال يمكن تفسيرها عن طريق هذا التيار الفكري.

 

 

 

 المقاول واالبتكار: يعتقد بعض الباحثين أن الخاصية الأساسية في السلوك املقاوالتي هي االبتكار بحيث يعتبرون أن الوظيفة الوظيفة الأهم بالنسبة للمقاول هي الابتكار وإدخال تركيبات منتجة جديدة للمحيط SCHUMPETER(، )5337 تشكل فرص جديدة (opportunités) وهنا تجدر الإشارة إلى أن الابتكار ليس بالضرورة أن يكون ابتكار تام rupture) de (innovation فقد ينحصر في تغييرات هامشية من شأنها إعطاء نوع من التنافسية.

 

 

 

المقاول والمناجمنت:

المقاولونن هم منظمون الآليات ولخلق الثروة االقتصادية، يتبعون الفرص ويعملون على تجسيدها اعتمادا على التقنيات اللازمة من تقنيات تسيير وإدارة الموارد، وعلى هذا الأساس يتم تحضيرهم وتمكينهم من أدوات المناجمنت فهي مرحلة هامة في خطوات المقالاتية. . بحيث يعتبر بعض الباحثين

 

 

 

ويفرق كل من ستيفنسون وقامبرت Gumpert) et (Stevenson المسير عن المقاول من خلال خمسة أبعاد:

-  التوجه االستراتيجي: يبحث املقاول عن فرصة جديدة في حين يقتصر املسير على مراقبة املوارد

-  مدة ردة الفعل تجاه فرصة: بالنسبة للمقاول فإن املدة قصيرة جدا ألنه يميل نحو التطبيق.

أما بالنسبة للمسير فإن المدة طويلة ألنه يميل نحو تدنية الخطر risque) (le؛ -

-مراقبة املوارد: يستخدم المقاول املوارد بصفة مستمرة ومرنة، تلك املوارد التي في أغلب الأحيان

ال يمتلكها في حين تكون املوارد موجودة تحت تصرف المسير وقد لا يحسن استخدامها؛

-  هيكلة المؤسسة: يعتمد المقاول على هياكل أفقية مع شبكات غير رسمية كثيرة في حين يعتمد المسير على هياكل هرمية وأكثر بيروقراطية.

املقاول والقيادة:

المقاول قبل كل ش يء هو قائد يحسن تنشيط الفرق équipes) les (animer، يتكيف مع طلباتهم ويقودهم نحو تحقيق الأهداف، حسب هذا التيار يساعد المقاول متعاونيه على تطوير أنفسهم فهو أكثر من مسير، هو قائد.

 

المقاول التنظيمي:

وفق هذا التيار يظهر المقاول الداخلي (l’intrapreneur) وهو ذلك المقاول الذي ينشط داخل منظمة موجودة ويعمل من أجلها بحيث وفي الوقت الذي أصبحت المؤسسات تعاني من نقص الابتكاررات وعدم  القدرة على التجاوب مع عالم سريع التغيرات ظهرت الحاجة للمقاول التنظيمي الذي يقدم حلول لهذا الإشكال حيث تقوم السلوكات المقاوالتية الفردية أو الجماعية (كالتوجه نحو الفرص، البحث عن الابتكار، أخذ زمام المبادرة، روح المسؤولية ) بتطوير ابتكاررات وخلق وتنويع أنشطة المؤسسة.