مفهوم الإدارة المحلية

لقد اختلف الفقهاء في إعطاءتعريف لمصطلح الإدارة المحلية بحيث لكل واحد مشربه ومفهومه الخاص ومن زاويته الذي ينظر منها والحقبة الزمنية التي واكبها، فمنهم من ينظر إليها على أنها جهاز إداري يقوم بوظائف إدارية على مستوى محلي، أي جميع العناصر الإدارية التي تباشر الوظيفة الإدارية سواءا كانت إقليمية أو فروعا للإدارة المركزية يشترط أن تكون مهمتها محصورة في إقليم من الأقاليم ويعتمد أصحاب هذا الإتجاه على المعيار المكاني، أي بمجرد تمارس هيئة ادارية على مستوى حيز مكاني فإنها تعتبر إدارة محلية دون النظر الى الطبيعة القانونية أو علاقتها بالسلطة الادارية المركزية.

نقد : ينتقد أصحاب هذا الاتجاه أنهم لا يفرقون بين اللامركزية الاقليمية وعدم التركيز كما انهم اهملو الشخصيات المعنوية ودون الهيئات المنتقبة اي ان الوحدات المركزية لا تتمتع باي استقلالية وتجاهل البعد الديمقراطي .

كما انه حصرا للادارة المحلية في العنصر الجغرافي فقط ، كما ان جوهر الادارة المحلية في النظام الديمقراطي الذي تتبعه ومشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم وهذا ما يعرف كذلك باصحاب الاتجاه الواسع لمعنى الادارة المحلية –في حين يرى اغلب فقهاء القانون الإداري ان الإدارة المحلية تعتمد على الشخصية المعنوية والانتخاب كركيزتين اساسيين في تكوين الادارة المحلية وهذا ما أنسجم مع الاتجاه الفقه والقانون الفرنسي وهي ان يمنح القانون لهيئة منتخبة شخصية سلطة التقرير في كل او جزء للشؤون الداخلية والذي يقصد باللا مركزية الادارية ووافق هذا التعريف كثيرا من فقهاء قانون الاداري العربي.

-وأجمع الفقهاء الإتجاه الثاني على أن الإدارة المحلية هي تولي وحدة إدارية ذات شخصية معنوية كعنصر قانوني الذي تمنحه الشخصية المعنوية في ممارسة اختصاصات ادارية أصلية على مستوى إقليم محدد ويسير هذه الوحدة مجلس منتخب من قبل المواطنين المحليين وتكون للدولة سلطة الوصاية والإشراف .

ما أخذا به المشرع الجزائري في تنظيم الإدارة المحلية وعتبر أن الإدارة المحلية هي عبارة عن

وحدة مستقلة ولها شخصية معنوية وهذا ماجسده قانون المدني في مادته 49 وحدد الأشخاص الاعتبارية وهي :

- الدولة ،الولاية ، البلدية

-المؤسسات العمومية ذات الطابع الإدارية

- الشركات المدنية والتجارية

- الجمعيات والمؤسسات

-الوقف

-كل مجموعة من اشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية.

تعريف الإدارة المحلية :

أسلوب اداري يتم بمقتضاه تقسييم اقليم الدولة الى وحدات ذات مفهوم محلي يشرف على إدارة كل وحدة هيئة محلية تمثل الإدارة العامة ،على أن تستقل هذه الهيئات بموارد مالية ذاتية وترتبط بالحكومة المركزية بعلاقات يحددها القانون .

وجاء في تعريف الفقه الفرنسي أندريه دولوباديز " على أنها اصلاح لوحدة محلية لإدارة نفسها بنفسها وأن تقوم بالتصرفات الخاصة بشؤونه".

يعرفها كذلك على أنها " عبارة عن هيئة محلية تقوم على إدارة نفسها بنفسها وتطلع بتصريف شؤونها المحلية بشرط توفر عناصرها وعدم خضوعها لهيئات رقابة صارمة من جانب السلطات المركزية".

ويعرف الفقه الإنجليزي للإدارة المحلية على أنها" مجلس منتخب تتركز فيه السلطات المحلية ويكون مسؤول سياسيا أما من الناخبين ويعتبر مكمل لاجهزة الدولة " ويعرفها كذلك بأنها الجزء من الحكومة الذي يختص لأساسا بالموضوعات التي تهم سكان منطقة معينة بالاضافة إلى المسائل التي ينظر البرلمان ملائمة إدارتها بواسطة سلطات منتخبة تكمل الحكومة المركزية"

كما عرفها خالد سمارة الزغبي " أسلوب اداري يقسم بمقتضاها إقليم الدولة الى وحدات ذات مفهوم محلي تتمتع بشخصية إعتبارية ،وتنظم الشؤون المحلية وتدار من قبل سكان المحليين يمثلها مجالس منتخبة من ابنائها لادارة مصالحها تحت اشراف ورقابة الحكومة المركزية تقوم على ثلاثة اركان وهي:

أ – وحدات ادارية مستقلة تمثل مصالح محلية مميزة عن المصالح القومية

ب – قيام مجالس محلية نتجبة

ج – استقلال المجالس المحلية.

ومن خلال هذه التعريفات يمكن ان نستخلص التعريف التالي الادارة المحلية وهي عبارة عن أجهزة إدارية تتشكل الخلية الاساسية في تكوين الدولة وتكون في إقليم معين ولها مجالس منتخبة و شخصية معنوية؛ ذمة مالية تؤهلها إلى القيام بالتنمية المحلية بقدرات محلية تحت رقابة السلطة المركزية،

ونستنتج من هذا التعريف لقيام إدارة محلية يجب أن تتوفر الشروط التالية

-إقليم محلي أي رقة من مناطق الوطن ولها حدود ومساحة معينة وهي التي يقوم عليها النشاط، ولايمكن أن تفرض قوانينها وسيطرتها إلا داخل هذا الإقليم وإلا تعتبر قراراتها غير مجدية.

-مجالس منتخبة وهياكل إدارية لكي يكون هناك تسيير محلي ،فلقد فرض القانون لتكوين فريق لتسيير هذه الهيئة فوجب هناك نوعين من الموارد البشرية فمنهم الموظفين التابعين لسلم الوظيف العمومي ولهيئات مركزية ممثلة لها أم النوع الثاني والذي يباشر العملية التسيير فينبثق من هيئة منتخبة وفق المسار الديمقراطي المنتهج وقونين المعترف بها لكل نظام.

-شخصية معنوية كاملة، لقد إعترف القانون لهذه الهيئات بالشخصية المعنوية التي تأهلها لتحمل الإلتزمات وإكتساب الحقوق ونص القانون المدني الجزائري على ذلك ذكرنا في السابق.

ونسجل أن مرجعية الإعتماد على هذا المعيار يرجع إلى أسباب تارخية ، كما ان إستقلالية هذه الوحدات وإعطائها الشخصية المعنوية والإستقلال المالي يعطي المرونة في التسير وتسهيل القيام بواجبات والدور المنوط إلى هذه الهيئات والتكفل بمصالح المحلية ،وهذا ما يتناسب مع النظام المنتهج.

ومنا يتجسد تطبيق النظام اللامركزية الإقليمية وهي التي تعبر عن إرادة محلية المنتخبة التي تتمتع بالشخصية المعنوية واختصاصات أصلية ،على الرغم من أن كثير من الفقهاء القانون والعلوم الإدارية أن حصر الإدارة المحلية في النطاق الجغرافي يؤدى بنظام الإدارة المحلية إلى تجردها من أسلوب الديمقراطي للتنظيم الإداري ، ويفصح المجال لمواطنين على المستوى المحلي من دارة شؤونهم العامة.

نستنتج مما سبق أن نظام الإدارة المحلية يجب ان يتماشى مع البعد الديمقراطي الذي يرتكز على العملية الإنتخابية وكذلك الشخصية المعنوية لكي تكون لها سلطة الفصل في المسائل التي تعترضها ، ممادفع بالقوانين الدستورية بأن تعترف الدولة بأشخاص إقليمية تمللك سلطة القرار وهذا ماتجسد في جميع الدساتيير وكذ لك التعديل الدستوري لسنة2020في الباب الأول تحت عنوان المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري في الفصل الثالث المادة (17)" الجماعات المحلية للدولة هي البلدية والولاية البلدية هي الجماعات القاعدية

بغرض تحقيق توازن الإقتصادي واجتماعي للبلديات محدودة التنمية ،وتكفل أفضل بإحتياجات سكانها ،ويمكن أن يخص القانون بعض البلديات الاقل تنمية بتدابير خاصة

التي تطرق إليها المشرع في المادة (18) على تنمية العلاقات بين الدولة والجماعات المحليةعلى مبادئ اللامركزية وعدم التركيز، فإن المبادئ التي يجب ان تعتمد عليها الإدارة المحلية في تلنظام الجزائري هي :

01- وحدة إدارية ذات شخصية معنوية

2-ممارسة نشاطداخل إقليم معين ومحدد من قبل السلطة المركزية وفق الأنظمة القوانين المعمول بها.

3-يسير هذه الوحدة مجلس منتخب من قبل المواطنيين القاطنيين في هذا الإقليم وللدولة حق الوصاية والإشراف

التمييز بين نظام الإدارة المحلية ومايشابهها:

إن التمييز بين مفهوم الإدارة المحلية وما يشابهها من صور للتنظيم الإداري أو السياسي لبد منه حتى ندرس ونعطي مفهوم كامل للإدارة المحلية دون الخلط بين المفاهيم المتداولة في بعض النظم السياسية و الإدارة لمختلف الإستراتجيات المنتهجة .

ولقد إستعمل رجال القانون والدارسين للنظم السياسية وعلوم الإدرية عبر المراحل متعقبة للبحث عن أهم الآليات الإدارية لتثبيت أنظمت الحكم ومدى فعاليتها في خدمة الشعوب وسنحاول تسليط الضوء وإعطاء مفهوم الإدارة المحلية على غرار ممارستها لاعمال الإجتماعية وثقافية والسياسة والإدارة وتميزها عن باقي الأنظمة المشابهة لها ومن بينها نظام الحكم المحلي وعدم التركيز الإداري وكذلك النظام الفيدرالي.

التميز بين الإدارة المحلية والحكم المحلي :

في ظل النقاش حول التمييز بين المصطلحين الإدارة المحلية والحكم المحلى ،وهذا ما شغل كثير من الفقهاء القانون والعلوم الإدارية في ملاحظة الفرق التي تفصل بينهم لإعطاء كل مصطلح حقة ودوره في ترسيخ المبادئ المراد تحقيقها، والنظام السياسي الذي ينتمي إليه والإداري ومتى يجب تطبيق كل واحد منهم ولهذا نبرز الفرواق التالية:

- الإدارة المحلية تعبر عن اللامركزية الادارية

-الحكم المحلي ينسجم مع اللامركزية السياسية

- الادارة المحلية لها طابع إداري

- الحكم المحلي له طابع دستوري

- الحكم المحلي مصطلح متداول في النظام البريطاني و يستعمل لوصف أجهزة محلية منتخبة وتنعدم لها الصفة التشريعية وتنحصر وظيفتها في تقديم الخدمات وتوفير الحاجيات.

- كما أنهما يختلفان في المصطلح فدلالة مصطلح الحكم المحلي تحمل فيه مضمونها المعنى السياسي أكثر كما أن هذا المصطلح ،كما يرجع الفقهاء اصول هذا المصطلح إلى ما قبل الفتح النورمندي وتم تقسيم المقاطعات من أجل وتأسيسه من أجل تأسيس مجلس محلي لجمع الضرائب ولها اختصاص قضائي وإداري.واستمرت إلى القرن التاسع عشر، رغم اختلاف تسميتها في بعض المناطق .وصدر قانون سنة 1832 وقام بإصلاح الحكم المحلي وعمل على تمثيل برلماني.

-ثم صدر قانون الحكم المحلي 1888 وجاء بعده تأسس المجالس المنتخبة بالقانون 1894 وتواليت إصلاحات إلى غاية صدور قانون الحكم المحلي 1972 ثم ب.بتعديل1985 /1990 وصولا إلى قانون 2000 فإن الحكم المحلي

أعطي للمجالس المحلية السلطة لاتخاذ كل التدابير اللازمة لتحقيق الرفاهية لسكانها.

التمييز بين الإدارة المحلية والفيدرالية

لكي نميز بين الإدارة المحلية والنظام الفيدرالي وجب علينا التعريف بنظام فيدرالي، يقوم هذا النظام على أسلوب التنظيم السياسي من خلال توحيد الأنظمة السياسية للولايات ،بحيث يمكن لكل ولاية الحفاظ على قوانينها الداخلية لتوزيع مظاهر السيادة بين الحكومته المركزية ودويلات أو ولايات ولها مظهرين مظهر داخلي مثل في فرض الأمر، واستعمال الإكراه لسيطرة على الأفراد لطاعة القوانين .

وتتولى الحكومة المركزية في نظام فيدرالي، توحيد الشخصية في الجنسية لرعاياها كما تمثلها، والدبلوماسية الخارجية وللولاية حق سن القوانين والتحكم في قضائها ويقوم النظام الفيدرالي على الثنائية البرلمانية .

هنا نجد الاختلاف بين الإدارة المحلية و نظام فيدرالي فالإدارة المحلية لها استقلال إداري فقط أما الفيدرالية فلها استقلال القضائي والتشريعي والإداري وهنا نجد أن النظام فيدرالي يختلف عن الإدارة المحلية في الهدف فهذه الأخيرة هدفها إشباع حاجيات المواطنين وتسيير شؤونهم ،أما نظام فيدرالي هدفه سياسي وإداري.

كما أن التحكم في تعديل القوانين في الادارة المحلية فهو من اختصاص السلطة المركزية، أما في النظام فيدرالي فلا يمكن للحكومة المركزية أن تفرض بعض التشريعات على الولايات المنتهجة لهذا النظام

في النظام الفيدرالي يمارس سلطته مباشرة من الدستور، أما الإدارة المحلية فهي تعمل تحت وصاية السلطة المركزية .

التميز بين الإدارة المحلية وعدم التركيز

كما درسنا في السابق أن عدم التركيز الإداري أو كما يطلق عليها كذلك المركزية النسبية أو المركزية المخففة، والتي تعرف باستقلال الوحدات الإدارية بنقل موقع سلطة القرار إلى هيئة محلية، ولكنه بدون استقلالية مطلقة فهي أشبه بنقل الأحكام وتوصيل قرارات المركزية من السلطة المركزية إلى أسفل الهرم السلطوي الإداري.

ونستنتج أن التركيز الإداري وتوزيع الاختصاصات الإدارية لتخفيف العبء عن الإدارة المركزية مع الاحتفاظ بكل السلطات ولا يمكن الانفراد بقرارات ما لم تكن الإدارة المركزية على علم بكل التفاصيل.

أما فيما يخص الإدارة المحلية فإن أجهزتها لها استقلالية كاملة وذمة مالية كما أن عدم التركيز يعتمد على توزيع الاختصاصات في الوظائف الإدارية ولكن تحت إشراف التام وكامل للدولة.

أما فيما يخص الإدارة المحلية فلها الاستقلالية التامة في التسيير الذاتي أي المحلي والمتمثل في المجالس البلدية والولائية المنتخبة التي لها دور كبير تنمية القدرات الموارد البشرية في التسيير إداري.

كما يرى كثير من الفقهاء القانون الإداري وجوب ضرورة تجانس بين إدارة عدم التركيز الإداري والإدارة المحلية في الإقليم الواحد، وفي نفس الوقت لهم رقابة متبادلة بحيث أن الإدارة عدم التركيز تعمل على تجنب الإدارة المحلية المنتخبة من الغلو أو الانفراد بالسلطة والوقوع في أخطار، ويرجع هذا إلى قلة الخبرة ونقص التكوين للمنتخبين في الإدارة المحلية، وهذا ما يدفع إلى الانحراف و الواقع كشف لنا كثير من هذه الأخطار، كما أن الإدارة المحلية توفر المعطيات والمعلومات الكافية لأجهزة الهيئة عدم التركيز، وهذا ما يدفع إلى تجانسهما وتكاملهما والعمل على توفير ا لرفاهية و حسن التسيير.

كماأن الإدارة عدم التركيز تعمل إيصال الإنشغلات الإدارة المحلية إلى السلطة المركزية في العاصمة وتقوم بمراقبة مشاريع التي تقوم بها الإدارة المحلية وعل سبيل المثال المدريات المتواجدة في الولايات كا مديرة الفلاحة التي تعمل على حماية الأراضي الفلاحة منإنتهاكات التي تقوم بها الإدارة المحلية أو كذلك المدرية البيئة لحماية البيئ من المشاريع المؤثرة على البيئة والمجتمع.