تطور النظام القانوني للإدارة المحلية في الجزائر بعد الإستقلال
إن الدور الهام الذي تلعبه الإدارة المحلية في ترسيخ وبناء الأنظمة السياسية والإجتماعية والثقافية، وسهولة تسيير الادارة المركزية لشؤوون الدولة ويرجع هذا الإهتمام علاقتها بين المواطن والادارة .
بالرجوع إلى كينونة الادارة المحلية بعد الاستقلال مباشرة، نجد أن وضعية الإدارة المحلية كانت تواجه عواق كبيرة وذلك بسبب الفراغ الاداري الذي تركه المستعمر وسحب جميع الموظفين، ومما زاد أمر تعقيدا العجز المالي الذي كانت تمر به الجزائر في تلك المرحلة وزيادة واجبات الدولة المستقلة حديثا، والوضع الاجتماعي للجزائريين الذي خلفه المستعمر الفرنسي، وهذا ما دفع مجلس قيادة الثورة و حزب جبهة التحرير الوطني إلى إعادة هيكلة البنية التنظيمية والفنية والقانونية للإدارة المحلية، وعملت على تجسيد نوع من التمثيل في المحافظة وإنشاء لجنة ولائية للتدخل الاقتصادي والاجتماعي تضم أعضاء يمثلون مختلف القطاعات الإدارية والاقتصادية على مستوى كل محافظة وخمسة من أعضاء المواطنين يعينهم المحافظ الذي تم تعيينه من مجلس قيادة الثورة و حزب جبهة التحرير .
هذا على مستوى الولاية ولكن على مستوى البلدية، نظرا لقلة إطارات رجعت القيادة في ذلك الوقت إلى تخفيض عدد البلديات من 1578الى 679 فهذا بموجب المرسوم (63/189) ، وهذا من أجل تخفيض النفقات وتوفير الكفاءات، وتم تعيين مندوبين لتسيير بلدية ويتم تعينهم من قبل المحافظ.
أما من ناحية القوة القانونية فجاء في ا دستور 1963في مادته التاسعة في الفقرة الثانية "تعتبر البلدية أساسا للمجموعة الترابية والاقتصادية والاجتماعية ".
مرحلة من 1990 إلى يومنا هذا
لقد مرت الجزائر بالمرحلة التغيير الجذري في التشكلية السياسية ما أثر على التشريع وعلى رأسهم الدستور، وجاء التعدبل الدستوري 1988 وبعده صدور دستور جديد في فيفري 1989 والذي أقر التعددية الحزبية ونص في مادته 15 " الجماعات الإقليمية للدولة هي البلدية والولاية، والبلدية هي الجماعة قاعدية واعتبر المؤسس ا لدستوري في المادة 16 المجلس المنتخب هو القاعدة اللامركزية ومكان مشاركة مواطنين في تسيير شؤون عمومية،
وصدر قانون البلدية و الولاية في سنة 1990، وانعكس هذا التغير على النظام الإداري وأهمها النظام الانتخابات كما صدر قانون البلدية والولاية لسنة 1990،وصدر قانون البلدية (90/09)المؤرخ في 7 أفريل 1990 .
لقد تأثر المشرع الجزائري بالوضع السياسي، وتم تحويل بعض الصلاحيات لهيئات محلية والمركزية ولم يتم الانتخابات البلدية و تم تأجيلها بحيث كان من المفترض أن يتم في 12 ديسمبر1989 وأجلت بقانون (89/17)
وتم حل المجالس البلدية وبموجب المادة 2 من القانون المذكور سالفا ثم يعين من ثلاثة أشخاص الى خمسة أعضاء ومن بينهم الرئيس كما يمكن تعيينهم كلهم أو بعضهم من بين أعضاء مجالس البلدية المنحلة وأحال القانون الى تنظيم كيفية تعيينهم .
وصدر القانون (90/08) وفي نفس السنة كذلك تم صدور قانون (90/09) كما تم تعديل قانون الولاية والبلدية سنة 2005 والذي تم اجراء انتخابات محلية جزيئة في 24 نوفمبر 2005.
- ولقد شهدت الجزائر حركة تشريعية كثيفة وتم تداول مصطلح اصلاحات دستورية وإدارية،
وصدر قانون البلدية (11/10) والولاية (12 / 07 )
وفي الخلاصة نستنتج أن التقسيم الإداري في الجزائر لم يعتمد على معيار الكثافة السكانية ولا على المساحة، فنجد أن هناك ولايات لها مساحة تفوق بكثير مجموع بعض الولايات وخاصة مقارنة مع الشمال والجنوب، كما أن الكثافة السكانية تختلف من منطقة إلى منطقة بكثير،ومما ساهم في عدم التساوي هو قلة عدد السكان وانتشارهم المبعثر، وهذا ما حدث كذلك في البلديات مثلا ولاية وهران عدد سكانها حوالي مليون ونصف مليون نسمة لها 26 بلدية ولاية بجاية سكانها حوالي تسعة مئة ألف مقسمة على 52 ولاية وكلتا الولايتين متقاربتين في المساحة فإن معيار الذي،اعتمد عليه السلطة في بعض الحالات على الكثافة السكانية وفي بعض الحالات يعتمد على مساحة الولاية كما أنه أعتمد على البناء العشائري وخاصة في البلديات وفي بعض الحالات المشرع اعتمد في التقسييم على الظروف السياسية دون أن يراعي المداخييل كل بلدية ولهذه الأسباب وقعت كثير من البلديات في مشاكل التمويل وهذا ماانعكس على سوء تقديم الخدمات والتكفل بالسكان وإرهاق الخزينة العمومية، أما فيما يخص مناطق الجنوب، لقد إستدركت السلطة وتم تقسيم بعض الولايات إلى ولايات منتدبة لأجل تقريب الإدارة من المواطن واستحداث لها موارد مالية ،ومحاولة إجراء دراسة أكاديمية على الإدارة المحلية في الجزائر يستلزم مسح وقراءة نقدية موضوعية لمنظومته القانونية ومدى تطبيقها كما يجب عقلنة التوجه المتوالي للإدارة محلية بعيدة عن الحلول جاهزة .
كما أنه يجب أن تأخذ هذه القوانين الخصوصية الوظيفية العمومية والدينية السائدة في بلاد و تعمل على إيجاد مجتمع إنساني معاصر.